الضريح
الضريح هو محور المجمع بأكمله في تاج محل، هذا البناء من الرخام الأبيض الكبير الذي يقف على قاعدة مربعة، يتألف من مبنى متناظر مع إيوان (وهو عبارة عن مدخل مقوس الشكل تعلوه قبة كبيرة وهي النتيجة النهائية، مثل معظم الأضرحة المغولية، فإن العناصر الأساسية هي في الأصل فارسية. قاعدة المبنى كبيرة بالضرورة، مع أحجار مكعبة الشكل ومشطوبة الحواف، متخذةً شكلاً ثمانياً فريداً من نوعه مع أبعاد تقدر بخمسة وخمسين متراً (180 قدم) على كل طرف من الأطراف الطويلة، على كل طرف هناك مدخل ضخم محدب الشكل، مؤطر بباحة المكان بإطارين متشابهين، مع شرفات مقوسة محشورة على جانبيه، هذه الفكرة للأبواب الضخمة المحدبة مُعَمَّمة على مساحة الحواف المشطوبة، والتي تجعل من التصميم متقابل ومتماثل لكل واجهات المبنى، أربع مآذن تحيط بالقبر، واحدة في كل ركن من الأركان مواجهة للحواف المشطوبة، أماكن الناووس لقبري ممتاز محل وشاه جيهان غير حقيقية ؛ لأن القبور الحقيقية تقع في الطابق السفلي.
تعتبر القبة الرخامية التي تعتلي الضريح من أروع التصاميم على الإطلاق، يقدر ارتفاعها بخمسة وثلاثين متراً (١١٥ قدم) على امتداد القاعدة نفسها، جاثمة على عدة أسطوانات تقدر بسبعة أمتار (23 قدم) ارتفاعاً، بسبب شكل القبة، فقد أطلق عليها اسم القبة البصلية أو القبة الجوافية، أعلى القبة مزُيّن على شكل زهرة اللوتس والذي يعطي انطباعاً بالارتفاع العالي، أحيطت القبة بأربع قباب صغيرة ذات نتوءات جانبية، وهذه القباب مشابهة للقبة الرئيسية في الشكل والتصميم البصلي، وموضوعة في زوايا المبنى قواعد أعمدة، القباب الأربع مرتفعة عن السقف لتزويد المكان بالضوء، توجد أبراج طويلة (غلداستاس) تمتد من حواف جدران القاعدة لإعطاء رؤية أكثر وضوحاً لارتفاع القبة، فكرة شكل زهرة اللوتس تكررت في تصاميم الأبراج والنتوءات في القباب الأربع، علت القبة الرئيسية والقباب الأربع في قممها، لتعطي طابعاً مشتركاً في التصميم من التقاليد الفارسية والهندوسية.
كانت الزخارف المعمارية في الأصل مصنوعة من الذهب، ولكن تم استبدالها بنسخة من البرونز المطلي بالذهب في مطلع القرن التاسع عشر. هذه الإضافة تعتبر مثال واضح على الدمج بين عناصر الزخرفة والتزيين التقليدية الفارسية والهندوسية.
يعتلي هذه الزخارف هلال أطرافه تواجه السماء وهو شعار إسلامي بحت. وبسبب موقع الهلال أعلى المستدقة الرئيسية فإن أطراف الهلال مع رأس الزخرفة المعمارية المستدق يشكلان معاً رمح بثلاثة رؤوس ليبدو كإشارة لرمز الآلهة الهندوسية التقليدية شيفا.
تُظهر المنارات (المآذن) والتي يزيد ارتفاعها عن 40 متر (130 قدم) ميل المصمم للتماثل. وقد صُممت هذه المآذن -وهي عنصر أساسي في المساجد- لتكون مآذن فعلية يستخدمها المؤذن لينادي منها المسلمون للصلاة.
وتنقسم كل مئذنة فعلياً إلى ثلاثة أجزاء متساوية بشرفتين تطوقان البرج. وفي أعلى البرج شُرفة يعلوها قبة مجنحة تعكس تصميم الأخرىات الموجودة على الضريح.
جميع القباب المجنحة تشترك في عناصر التزيين فهي على شكل زهرة لوتس يعلوها زخرفة معمارية مطلية بالذهب. بُنيت المنارات خارج حدود الضريح بقليل بحيث لو حدث وسقطت المنارات (وهذا إجراء متعارف عليه للبنايات المرتفعة حينها) فإن حطامها سيقع بعيداً عن الضريح.
الديكور الداخلي
استخدمت التصاميم التجريدية في كل مكان خصوصاً في قواعد التماثيل، والمآذن، والبوابات، والمساجد، كما تستخدم بشكل أقل في تزيين الأضرحة. وزخرفة القبب والسراديب المبنية من الأحجار الطينية بالنقش لخلق أشكال هندسية. رصعت الأشكال الهندسية المتعرجة بالأحجار للربط بين الأشكال الزخرفية المنقوشة، حيث اَستخدمت الأحجار البيضاء في المباني الحجرية، بينما الأحجار السوداء أو الغامقة في تزيين الرخام.
طَليت المناطق البارزة من المباني الرخامية بالألوان الموحدة أو على شكل بقع مختلفة الألوان؛ لتصميم أشكال هندسية مائلة للتعقيد. واَستخدمت أحجار الطوب المتناقضة الأشكال والألوان- والتي تكون على شكل أحجار الفسيفساء- لتصميم أرضية المباني وممراتها.
أما في النصف السفلي من الأضرحة، وَضع عدد من البلاط الأبيض المنحوت على شكل أزهار وأشجار والتي عادة ً ما تكون قليلة البروز. ولَمع البلاط لإبراز التصاميم الدقيقة والألوان الجذابة للمنحنيات والإطارات السفلية على الأضرحة والممرات الشاهقة المقوسة المرصعة بأحجار الفسيفساء الثمينة الأنيقة، والتي غالباً ما تكون على أشكال أزهار أو أشجار ذات تصاميم هندسية. تَلمع أحجار اليشب واليشم والرخام الأصفر ثم تمد على الجدران.
تختلف تصاميم التجويفات الداخلية لتاج محل كل الاختلاف عن عناصر التصاميم التقليدية، حيث تستخدم الأحجار الكريمة والأحجار الشبه كريمة في مرحلة ترصيع الأحجار بدلاً من أحجار الفسيفساء. صَممت الحجرات الداخلية على شكل ثماني الأضلاع مع تجويفات صغيرة في كل ناحية للسماح للجمهور بالمشاهدة، بالرغم من ذلك يَسمح بمشاهدة هذه الحجرات من خلال الباب الجنوبي المواجه للحديقة فقط.
بلغ طول الجدران الداخلية حوالي 25 متراً(82 قدماً)، وفي قمتها القبة الداخلية التي زينت بأشكال الشمس، وأقواس فيشتاق الثمانية توضح مساحة الطبقة الأرضية، وكما هو بخارج المبنى فإن كل قوس فيشتاقي يعلوه قوس آخر حتى منتصف الجدار، والنوافذ الأربعة الرئيسية في الشرفات أو المناطق العليا وكل النوافذ الخارجية بالشرفات مزينة بقطع من الرخام المنقوش، وبالإضافة إلى الضوء الداخل من الشرفات هناك الضوء الداخل من المغظاة بالقبب في الزوايا، وكل جدران الغرف الداخلية زُينَّت بدقة عالية بنحت يسمى بدادو وهو نحت قليل البروز. وتعكس بصورة دقيقة لوحات الخط العربي المرصع بالأحجار الكريمة والمنتشرة عناصر التصميم في جميع أرجاء المبنى.
قطع الرخام الثمانية التي تحدد التابوت مصنوعة من ثمان لوحات رخام نُحتت بجهد ودقة عالية وبقية الأسطح طُعمت بصورة دقيقة جدا بالأحجار شبه الكريمة تشكل بها تؤمة الكروم والأزهار والفواكه.
ولأن التعاليم الإسلامية تحرم تزيين القبور تم وضع جثث "ممتاز" و"شاه جيهان" في سرداب منبسط نسبيا تحت الغرفة الداخلية ووجهت وجوههم نحو مكة، وضع تابوت "ممتاز محل" في منتصف الغرفة الداخلية بالضبط في قطعة رخام مستطيلة الشكل بمقاييس1.5 متر(4 قدم و 11 بوصة) و 2.5 متر(8 قدم و2 بوصة)، القاعدة والتابوت مرصعين بأحجار كريمة وشبه كريمة، وتتميز النقوش الكتابية على التابوت بالثناء على "ممتاز"، ويغطي التابوت المستطيل الشكل ارتفاع على شكل معين يشير إلى لوحة كتابية، ويقع نصب "شاه جيهان" التذكاري بجانب زوجته "ممتاز" من الجهة الغربية، وهو العنصر المرئي الوحيد في كل المجموعة، ويعتبر ضريحه أكبر من ضريح زوجته، لكنه يعكس نفس العناصر: النعش أكبر والقاعدة أطول بقليل، وهو كذلك مرصع بأحجار كريمة مضبوطة الدقة ويميزه خط يدوي رائع الشكل، ويوجد على غطاء الضريح مجسم صغير مغطى بنحوت تقليدية.
كان التصميم التقليدي المغولي للجنائز يغطي توابيت الرجال والنساء على التوالي، وتوجد كذلك أسماء الله الحسنى التسعة والتسعين بشكل رائع على جوانب ضريح "ممتاز محل" وأسفله، "الكريم، العظيم، الجليل، الواحد، المجيد..."، ويوجد أيضا نقش رائع بخط اليد على قبر "شاه جيهان" يقول: "غادر من هذه الدنيا إلى دار الخلود في ليلة السادس والعشرين من شهر رجب".
الحديقة
وتصل مساحة الحديقة إلى حوالي 300 متر مربع (980 قدم مربع)، وتسمى الحديقة بحديقة شارباغ أو حديقة المغول. وتقوم الحديقة على الممرات التي تقسم الأجزاء الأربعة من أجزاء الحديقة إلى 16 روضة منخفضة أو أحواض زراعية. ووُضع خزان ماء رخامي في منتصف الحديقة في نصف الطريق ما بين البركة والقبر. وفي منتصف الحديقة بين المحور الشمالي والجنوبي، توجد هُناك بركة عاكسة لصورة الضريح. وقد سُمي خزان الماء الرخامي بوعد الكوثر نسبة إلى وعد نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ل"الحوض الكبير" الذي ينتظر المسلمين في الجنة. وفي جهة أخرى من الحديقة، توجد أشجار ونوافير.. وحديقة شارباغ المستوحى تصميمها من تصاميم الحدائق الفارسية، والتي أدخلها إلى الهند الإمبراطور المغولي الأول بابور (Babur). وتمثل الأنهار الأربعة المتدفقة باسم الجنة (Jannah)، وتعكس حديقة الجنة الكلمة المشتقة من اللغة الفارسية "paridaeze" والتي تعنى بالحديقة المحوطة. وفي النصوص الإسلامية الصوفية التي وُجدت في فترة المغول، وُصفت الجنة بالحديقة المثالية من حيث وفرة أنهارها الأربعة التي تتدفق من ينبوع أو جبل مرتفع يُقسم الحديقة إلى الجهات الأربع الشمال، والغرب، والجنوب، والشرق.
تاج محل
معظم الحدائق الفارسية (جهارباغ) المغولية مستطيلة الشكل يتوسطها ضريح أو هيكلpavilion. إلا أن حديقة تاج محل خالفت ذلك التصميم السائد إذ بني الضريح في أخرها. ولكن عندما اكتشفت حديقة (ماهتاب باغ) Mahtab Bagh أو "حديقة ضوء القمر" على الضفة الأخرى من نهر يامونا فسر قسم المسح الأثري الهندي Archaeological Survey of India في وزارة الثقافة ذلك بأن نهر يامونا نفسه أدرج في تصميم الحديقة ليبدو كنهر من أنهار الجنة. ويشير التشابه بين تصميم الحديقة وسماتها المعمارية مع حدائق شاليمار Shalimar Gardensthe إلى أنهما ربما صممتا من قبل نفس المهندس المعماري علي ماردان. وتصف الحسابات المبكرة للحديقة وفرة غطائها النباتي بما في ذلك الورود الكثيرة وأزهار النرجس البري daffodils والأشجار المثمرة fruit trees و كما تهاوت الإمبراطورية المغولية، فقد انحدرت الرعاية بالحديقة أيضا. وعندما استولى البريطانيون على إدارة تاج محل خلال حكم الإمبراطورية البريطانية British Empire غيروا تصميم مناظر الحديقة لتبدو مشابهة لتصميم المسطحات الخضراء lawns في لندن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق